حكم تربية الحيوان بشكل عام
جاء عن أنس ابن مالك -رضي الله عنه - أنه كان له أخ صغير له نغر يلعب به - وهو طير صغير- فمات طائره فرآه النبي صلى الله عليه وسلم مهموما حزينا فداعبه بما مقتضاه إقراره له على اقتنائه لطائره الصغير هذا فقال له صلى الله عليه وسلم : ( يا أبا عمير ما فعل النغير !!).
وأخبر صلى الله عليه وسلم أن امرأة دخلت النار في هرة ( لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ) يفهم منه أنها لو أطعمتها لكانت ناجية من هذا الوعيد.
ويُذكر أن أبا هريرة كُني بذلك لهر كان يصحبه.
اذا فاقتناء الحيوانات المباحة مع عدم إهمالها من الأمور المباحة بل لعله أن يكون من أبواب الأجر كما قال صلى الله عليه وسلم : ( في كل كبد رطبة أجر ) ، وأما إذا اقترن بإهمالها وظلمها فإنه قد يكون بابا من أبواب الإثم والتوعد بالنار كما في حديث التي أهملت هرتها حتى ماتت .
وهنا ننبه الأخ السائل والقارئ أن الإسلام قد سبق المنظمات الغربية والشرقية بإعلانه لسائر الحقوق من حقوق للمرأة وحقوق للحيوانات وحقوق للعامل وحقوق لصاحب العمل وهكذا ، بل وأعظم من هذا في بيانه لحق الله على الخلق ولحق الخلق على الله .
وننبه هنا أيضا إلى أن الجنس البشري أولى بالعناية والاهتمام من الحيوانات وأن الأجر فيه أكبر : ( اتقوا النار ولو بشق تمرة ) ، ( أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين ) وأشار بأصبعيه السبابة والتي تليها ، وغير ذلك من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم .
حكم مسّ الكلب
" إن كان مسّه بدون رطوبة فإنه لا ينجّس اليد ، وإن كان مسّه برطوبة فإن هذا يوجب تنجس اليد على رأي كثير من أهل العلم ، ويجب غسل اليد بعده سبع مرّات إحداها بالتراب .
أما الأواني فإنه إذا ولغ الكلب في الإناء ( أي شرب منه ) يجب غسل الإناء سبع مرّات إحداها بالتراب ، كما ثبت ذلك في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرّات إحداها بالتراب ) ، والأحسن أن يكون التراب في الغسلة الأولى . والله أعلم .
انظر مجموع فتاوى الشيخ محمد ابن عثيمين (11/246)
وكتاب فتاوى إسلامية (4/447).
اقتناء الكلب في المنزل
إن اقتناء الكلاب في البيوت لغير حاجة مشروعة من التقليد الأعمى لحضارة الغرب التي صارت تعتني بالكلاب في بلادها أكثر من عنايتها بالإنسان في آسيا وإفريقيا فالكلاب في أوروبا وأمريكا لها قيمة كبيرة فتراهم يهتمون بشؤونها اهتماماً عظيماً وينفقون عليها المليارات من الدولارات فقد جاء في إحصائية نشرت قبل حوالي عشر سنوات أن ما أنفق على الكلاب والقطط في أمريكا قد بلغ ثلاثة مليارات من الدولارات ؟!! والكلاب في الغرب محترمة ومرفهة وتجد الكلاب من الطعام ما لا يجده ملايين البشر في إفريقيا وآسيا وتقام للكلاب الحفلات والمسابقات لاختيار أجمل كلب وتنشأ لها فنادق ومستشفيات. ومعلوم أن الإسلام قد بين ووضح الأحكام الشرعية المتعلقة بالكلاب واقتنائها
.
فقد جاء في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم من اقتنى كلباً إلا كلب ماشية أو ضارٍ نقص من عمله كل يوم قيراطان ) رواه مسلم ، والكلب الضاري هو كلب الصيد كما قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم 4/183 .
وفي رواية أخرى عند مسلم :[ من اتخذ كلباً إلا كلب زرع أو غنم أو صيد ينقص من أجره كل يوم قيراط ].
وعن سفيان بن أبي زهير وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال من اقتنى كلباً لا يغني عنه زرعاً ولا ضرعاً نقص من عمله قيراط ) رواه البخاري ومسلم ، وغير ذلك من الأحاديث .
وقد أخذ جمهور أهل العلم من هذه الأحاديث تحريم اقتناء الكلاب لغير حاجة مشروعة . ككلاب الصيد والحراسة وكلاب تتبع أثر اللصوص أو التي تكشف عن المخدرات ونحوها وأما عدا ذلك فيحرم اقتناؤها كما تدل على ذلك الأحاديث السابقة .
قال الحافظ أبو العباس القرطبي :[ واختلف في معنى قوله نقص من عمله كل يوم قيراطان ) وأقرب ما قيل في ذلك قولان :
أحدهما : أن جميع ما عمله من عمل ينقص لمن اتخذ ما نهي عنه من الكلاب بإزاء كل يوم يمسكه فيه جزءان من أجزاء ذلك العمل وقيل : من عمل ذلك اليوم الذي يمسكه فيه وذلك لترويع الكلب للمسلمين وتشويشه عليهم بنباحه ومنع الملائكة من دخول البيت ولنجاسته على ما يراه الشافعي .
الثاني : أن يحبط من عمله كله عملان أو من عمل يوم إمساكه - على ما تقدم - عقوبة له على ما اقتحم من النهي والله تعالى أعلم ] المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم 4/451-452 .
والكلب نجس العين على الراجح من أقوال أهل العلم وهو قول الشافعية والحنابلة وهو قول أبي حنيفة والأوزاعي
وإسحاق وأبي ثور وغيرهم . ويدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب ) رواه مسلم . فهذا الحديث يدل على نجاسة الكلب لأنه لا غسل إلا من حدث أو نجس وليس هنا حدث فتعين النجس كما قال الصنعاني في سبل السلام . ويجب أن يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر وخبره صدق وحق أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب فقد ثبتت الأحاديث في ذلك ومنها عن أبي طلحة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة ) رواه البخاري ومسلم . وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت واعد رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام في ساعة يأتيه فيها فجاءت تلك الساعة ولم يأته وفي يده عصا فألقاها من يده وقال : ما يخلف الله وعده ولا رسله . ثم التفت فإذا جرو كلب تحت سريره ، فقال : يا عائشة متى دخل هذا الكلب ههنا ؟ فقالت : والله ما دريت فأمر به فأخرج فجاء جبريل ، فقال رسول اله صلى الله عليه وسلم : واعدتني فجلست لك فلم تأت . فقال : منعني الكلب الذي كان في بيتك إنا لا ندخل بيتاً فيه كلب ولا صورة ) رواه مسلم . وعن ابن عباس قال أخبرتني ميمونة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبح يوماً واجماً ، فقالت ميمونة : يا رسول الله لقد استنكرت هيئتك منذ اليوم . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن جبريل كان وعدني أن يلقاني فلم يلقني أم والله ما أخلفني . قال : فظل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومه ذلك على ذلك ثم وقع في نفسه جرو كلب تحت فسطاط لنا فأمر به فأخرج ثم أخذ بيده ماء فنضح مكانه فلما أمسى لقيه جبريل فقال له : قد كنت وعدتني أن تلقاني البارحة . قال : أجل ولكنا لا ندخل بيتاً فيه كلب ولا صورة . قال الإمام النووي قوله صلى الله عليه وسلم :[ ( لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة ) قال العلماء : سبب امتناعهم من بيت فيه صورة كونها معصية فاحشة وفيها مضاهاة لخلق الله تعالى وبعضها في صورة ما يعبد من دون الله تعالى . وسبب امتناعهم من بيت فيه كلب لكثرة أكله النجاسات ولأن بعضها يسمى شيطاناً كما جاء به الحديث والملائكة ضد الشياطين ولقبح رائحة الكلب والملائكة تكره الرائحة القبيحة ولأنها منهي عن اتخاذها فعوقب متخذها بحرمانه دخول الملائكة بيته وصلاتها فيه واستغفارها له وتبريكها عليه وفي بيته ودفعها أذى للشيطان وأما هؤلاء الملائكة الذين لا يدخلون بيتاً فيه كلب أو صورة فهم ملائكة يطوفون بالرحمة والتبريك والاستغفار وأما الحفظة فيدخلون في كل بيت ولا يفارقون بني آدم في كل حال لأنهم مأمورون بإحصاء أعمالهم وكتابتها ] شرح النووي على صحيح مسلم 5/269-270 . وقد أيد العلم الحديث ما ورد في السنة النبوية من النهي عن اقتناء الكلاب لما في ذلك من أضرار كثيرة على صحة الإنسان
فتوى حيازة وبيع الكلاب
فتوى فضيلة الإمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت شيخ الجامع الأزهر بسم الله الرحمن الرحيم سلام الله عليكم ورحمته وبركاته ، وبعد فقد وقع إلى فضيلة الإمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت موضوع اتصال الكلاب بالآدميين من حيث نجاستها وطهرها ، وقد أفاد فضيلته بالموافقة على ما ذكرتم من أن اتخاذ الكلاب في البيوت لدفع مضرة أو جلب منفعة جائز ، وذلك أمر عام متفق عليه في نحو كلب الصيد أو حراسة الزرع أو الماشية أو كل ما يجلب منفعة أو يدفع مضرة ، وكذلك وافق فضيلته على أن جسد الكلب ولعابه وعرقه طاهر مادام حياً ، وعلى ذلك إذا جلس الكلب الذي حكيت طهارته - على السرير - أو لامس شخصاً فإنه لا ينجسه ، ولا يمنع ذلك من صحة صلاته وعبادته المتوقفة على الطهارة سواء أكان جسمه مبتلاً أو غير مبتل ، خاصة في الكلاب المتخذة لمنفعة أو لدفع مضرة لأن في ملامسته مع الاحتراز عنه مشقة شديدة . وذلك مالم تكن هناك نجاسة أخرى علقت بفمه أو جسده فإن النجاسة تكون خارجة عنه . وقد أذن في اتخاذه فيما رواه ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إلا كلب صيد أو كلب ماشية ) فقد ستثناهما من أمره صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب كما جاء في هذه الرواية فالحكم بطهارتهما أيسر وأنسب وأطيب بالنسبة لمن كان متصلا بها أو مخالطاً لها . هذا وإن من أبرز خصائص الإسلام العناية بالطهارة والنظافة للإنسان في جسمه وفي ثوبه وفي مكانه وفي آنيته التي يشرب منها. وقد بلغت أحاديث الرسول التي توحي بكمال العناية في الطهارة - حد الكثرة المتواترة ، وتتبعت في ذلك مواقع القذر ، فأمرت بغسلها وتطهيرها وشددت في بعض المواقع نظرا لما لها من الأثر السيء في صحة الإنسان وعملاً على سلامته من الجراثيم الفتاكة التي تذهب بصحته وتقضي على حياته وكان من ذلك حديث : ( إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله بالماء سبعاً إحداهن بالتراب ) وقد فهم كثير من العلماء أن العدد في الغسل مع الترتيب مقصودان لذاتهما فأوجبوا أن تكون إحدهن بالتراب . وإننا لنرى في ذلك أن المقصود من العدد مجرد الكثرة التي يتطلبها مجرد الإطمئنان إلى زوال أثر لعاب الكلب وأن المقصود من التراب استعمال مادة مع الماء من شأنها تقوية الماء في إزالة ذلك الأثر . والواقع أن ذلك كله إنما قصد منه الطمأنينة الصحية وتقبل ذلك بنفس راضية مطمئنة ، ولذلك فليطمئن المتصلون بالكلاب التي اتخذت لأغرض تتصل بأعمالهم أو بشأن من شؤونهم .
والله الموفق
بهذا أفاد فضيلة الإمام الأكبر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
16 من رمضان سنة 1381 هـ ///// 21 من فبراير سنة 1962م
مدير مكتب شيخ الأزهر للشؤون العامة
عبدالحكيم سرور
مرجع الفتوى في : الكلاب في خدمة العدالة والمجتمع
تأليف اللواء كمال الحديدي
--------------------------------------------------------------------------------
باب ما يجوز بيعه من الحيوانات ومالا يجوز
173 - مسألة : جواز بيع الكلب
ويجوز بيع الكلب معلما كان أو غير معلم
* ويضمن متلفه ، لأنه مال متقوم ، يباح الانتفاع به شرعاً ، حراسة واصطياداً فصار كالبازي ، فإنه يجوز بيعه.
روى عن ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام ( نهى عن بيع الكلب ، إلا كلب صيد أو ماشية )
وعن ابن عمر ( أنه عليه الصلاة والسلام قضى في كلبٍ بأربعين درهماً )
فدل أن بيعه جائز .
وفي (الأصل) : يجوز تمليك الكلب المعلم بالبيع والهبة والوصية وغير المعلم كذلك .
حتى ذكر في (النوادر) أنه يجوز بيع الجرو .
* وعند الشافعي : لا يجوز بيعه أصلاً ، لنهيه عليه الصلاة والسلام عن بيع الكلب .
قلنا : ذلك محمول على ابتداء الإسلام ، حين كان يأمر بقتل الكلاب ، قلعاً لهم عما إلفوا من مصاحبتها ، فلما تركوا الألف ، سقط ما ثبت تغليطاً .
174 - مسألة : بيع الكلب العقور :
وعن أبي يوسف : لا يجوز بيع الكلب العقور لأنه لا ينتفع به فصار كبيع الهوام المؤذية .
وعن محمد : أنه يجوز بيعه .
175 - مسألة : إمساك الكلب :
وأما في إمساك الكلب ، فالكلب الذي له نفع : حراسة واصطياد ، يجوز امساكه .
والكلب الذي له ضرر ، لكونه عقوراً ، أمر بقتله لدفع الضرر ، فإذا كان له صاحب : يقدم إليه ، فإن لم يدفع ضرره ، يضمن ما أتلف بعده ، لا ما أتلف قبله ، فصار بمنزلة الحائط المائل .
وقيل : إن لم يوجد الإشلاء من صاحبه : لا يضمن ، لأن جناية العجماء هدر ، لا يضاف فعله إلى صاحبه .
والكلب الذي لا ضرر له ، ولا نفع ، لا يتعرض إليه .
--------------------------------------------------------------------------------
مرجع الفتوى من : منية الصيادين في تعلم الاصطياد وأحكامه
للإمام الفقيه ابن ملك ، محمد بن عبداللطيف بن فرشته