مذكراته
قرر الهجان (احمد الجنزورى) أن يكتب مذكراته ، وأودعها لدى محاميه ، على
أن يتم تسليمها لزوجته بعد وفاته بثلاث سنوات حتى تكون قد استعادت رباط
جأشها ولديها القدرة على أن تتماسك وتتفهم حقيقة زوجها الذي عاش معها طوال
هذه السنوات الطوال ويروي في مذكراته كيف حصل على امتياز التنقيب عن
البترول المصري، في عام 1977 ، ليعود أخيراً إلى مصر وفي نهاية مذكراته،
يتحدَّث رفعت الجمَّال عن إصابته بمرض خبيث، وتلقيه العلاج الكيمائي، في
أكتوبر ، وقد كتب "الجمال" وصية تفتح في حال وفاته ، وكان نصها كالتالي :
" وصيتي. أضعها أمانة في أيديكم الكريمة السلام على من اتبع الهدى بسم
الله الرحمن الرحيم إنا لله وإنا إليه راجعون لقد سبق وتركت معكم ما يشبه
وصية، وأرجو التكرم باعتبارها لاغية، وهاأنذا أقدم لسيادتكم وصيتي بعد
تعديلها إلى ما هو آت: في حالة عدم عودتي حيا أرزق إلى أرض الوطن الحبيب
مصر أي أن تكتشف حقيقة أمري في إسرائيل، وينتهي بي الأمر إلى المصير
المحتوم الوحيد في هذه الحال، وهو الإعدام، فإنني أرجو صرف المبالغ الآتية
:
لأخي من أبى سالم على الهجان، القاطن.. برقم.. شارع الإمام على مبلغ ..
جنيه. أعتقد أنه يساوى إن لم يكن يزيد على المبالغ التي صرفها على منذ
وفاة المرحوم والدي عام 1935، وبذلك أصبح غير مدين له بشيء .
لأخي حبيب على الهجان، ومكتبه بشارع عماد الدين رقم...، مبلغ... كان يدعى أنى مدين له به، وليترحم على إن أراد
مبلغ... لشقيقتي العزيزة شريفة حرم الصاغ محمد رفيق والمقيمة بشارع الفيوم
رقم .. بمصر الجديدة بصفة هدية رمزية متواضعة مني لها، وأسألها الدعاء لي
دائما بالرحمة .
المبلغ المتبقي من مستحقاتي يقسم كالآتي: نصف المبلغ لطارق محمد رفيق نجل
الصاغ محمد رفيق وشقيقتي شريفة، وليعلم أنني كنت أكن له محبة كبيرة. النصف
الثاني يصرف لملاجئ الأيتام بذلك أكون قد أبرأت ذمتي أمام الله، بعد أن
بذلت كل ما في وسعى لخدمة الوطن العزيز، والله أكبر والعزة لمصر الحبيبة
إنا لله وإنا إليه راجعون
أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله (13 )
تقصير مصر في حقه
بعد أن أتم رفعت الجمال عمليته الجاسوسية في إسرائيل عاد إلى مصر بعد أن
ضاقت الدنيا به. وطلب من السادات أن يعمل في مجال البترول. وأسس شركة
آجيبتكو . وأعطى أنور السادات تعليماته لوزير البترول بأن يهتم بهذا الرجل
العائد في شخصية جاك بيتون، دون أن يفصح عن شخصيته. وشدد علي أهمية
مساعدته وتقديم كل العون له ، فلم تجد وزارة البترول سوي بئر مليحة
المهجور لتقدمه له بعد أن تركته شركة فيلبس، لعدم جدواه.. ورفضت هيئة
البترول السماح له بنقل البترول من البئر في الصحراء الغربية إلى داخل
البلاد بالتنكات. وأصرت علي نقله بأنابيب البترول، وهو ما لم يستطعه رفعت
الجمال ماديا ، فلجأ مرة أخري إلي السادات الذي كرر تعليماته بمساعدته
وتقديم كل العون له. لكن أحداً لم يهتم به، فساءت حالة شركته من
التعقيدات، فتصرفت فيها زوجته فالتراود بيتون بعد أن مات في عام 1982.
وباعتها لشركة دنسون الكندية وسط استغراب زوجته من سوء المعاملة. ولرفعت
الجمال ابن واحد من زوجته الألمانية إلا أنه لا يحمل الجنسية المصرية ،
حيث أن المخابرات المصرية وفي أطار الأعداد للعملية قد قامت بإزالة كل
الأوراق التي قد تثبت وجود رفعت الجمال من كل الأجهزة الحكومية بحث صار
رفعت الجمال رسميا لا وجود له ، وبالتالي لا يستطيع ابنه الحصول على جواز
السفر المصري الأمر الذي أدى بزوجته وابنه أن يقدموا إلتماس لرئيس
الجمهورية محمد حسنى مبارك لأستغلال صلاحياته في اعطاءه الجنسية ، إلا أن
طلبها قوبل بعدم اهتمام .
وفاته
توفي الجمال بعد معاناته بمرض سرطان الرئة عام 1982 في مدينة دارمشتات القريبة من فرانكفورت بألمانيا ودفن فيها .
الهجان في أدب الجاسوسية
فى الرابع من فبراير عام 1987 ، روى الكاتب الراحل صالح مرسى كيف ظهرت إلى
الوجود قصته عن عميل المخابرات رأفت الهجان. كان الكاتب حسبما يقول قد قرر
وقتها أن يتوقف عن كتابة هذا النوع من الأدب، لولا لقاء بالمصادفة جمعه
بشاب من ضباط المخابرات المصرية أخذ يلح عليه وبشدة أن يقرأ ملخصا لعملية
من عمليات المخابرات. ذات ليلة حمل الدوسيه الذى يحوي تفاصيلها إلى غرفة
نومه وشرع في القراءة وتمالكه إعجاب وتقدير كبير لشخصية رأفت الهجان وقرر
ان يلتقي مع محسن ممتاز (عبد المحسن فايقأحد الضباط الذين جندوا الهجان)
للحصول على تفاصيل إضافية تساعده في الكتابة عن الهجان لكن محسن ممتاز رفض
أن يعطيه معلومات حول شخصية الهجان الحقيقية و إلتقى صالح مرسي بعدها أيضا
مع عبدالعزيز الطودي المتخفي باسم عزيز الجبالى الذي راح يروي على مدى
عشرة فصول مخطوطة وعلى 208 ورقات فلوسكاب ما حدث على مدى ما يقرب من عشرين
عاماً. (14 )
منذ ظهور قصة (رفعت الجمَّال) إلى الوجود، كرواية مسلسلة، حملت اسم رأفت
الهجَّان، في 3 يناير 1986 ، في العدد رقم 3195 من مجلة المصوِّر المصرية،
جذب الأمر انتباه الملايين، الذين طالعوا الأحداث في شغف مدهش، لم يسبق له
مثيل، وتعلَّقوا بالشخصية إلى حد الهوس، وأدركوا جميعاً، سواء المتخصصين
أو غيرهم، أنهم أمام ميلاد جديد، لروايات عالم المخابرات، وأدب الجاسوسية،
وتحوَّلت القصة إلى مسلسل تليفزيوني، سيطر على عقل الملايين، في العالم
العربي كله، وأثار جدلاً طويلاً، ولأن الأمر قد تحوَّل، من مجرَّد رواية
في أدب الجاسوسية، تفتح بعض ملفات المخابرات المصرية، إلى صرعة لا مثيل
لها، ولهفة لم تحدث من قبل، وتحمل اسم (رأفت الهجان)، فقد تداعت الأحداث
وراحت عشرات الصحف تنشر معلومات جديدة في كل يوم، عن حقيقة ذلك الجاسوس
(15) وايضا فإن المسلسل الشهير برأفت الهجان لم تكن نهايته صحيحة بشكل
كامل فإنها مختلفة عما تم عرضه في المسلسل وكما ان بعض الفقرات في حياته
كانت خاطئة .